12/03/2022 - 21:30

حوار مع جوني منصور وإيلان بابيه: "القاموس التاريخي لفلسطين.."

صدر عن دار "راومان" للنشر في الولايات المتحدة "القاموس التاريخي لفلسطين" من تأليف المؤرخ الفلسطيني جوني منصور والمؤرخ اليهودي البروفيسور إيلان بابيه. وهو معجم يعرف بفلسطين التاريخية في العصر الحديث

حوار مع جوني منصور وإيلان بابيه:

(توضيحية - أ ب)

صدر عن دار "راومان" للنشر في الولايات المتحدة "القاموس التاريخي لفلسطين" من تأليف المؤرخ الفلسطيني جوني منصور والمؤرخ اليهودي البروفيسور إيلان بابيه. وهو معجم يعرف بفلسطين التاريخية في العصر الحديث، من خلال 800 مصطلح تشمل شخصيات وأحداث ومواقع فلسطينية، أو تتصل بالتاريخ الفلسطيني، بينها أحداث أو شخصيات إسرائيلية - صهيونية ذات علاقة.

ويعتبر المعجم "فلسطين" في الفترة منذ القرن الثامن عشر وحتى اليوم مصطلحا جغرافيا ولا يزال ساريا وملائما، كما يقول مؤلفاه، وقد جرى اختيار بداية القرن الـ19 كبداية لما هو متفق عليه بـ"العصر الحديث والمعاصر" ولذلك فهو يغطي مختلف الوحدات والكيانات الجيوسياسية التي تم إنشاؤها على مدار الزمن في فلسطين: الولايات العثمانية المتأخرة، الانتداب البريطاني، دولة إسرائيل، الضفة الغربية، وقطاع غزة أو ما أصبح يعرف بـ"مناطق السلطة الفلسطينية".

ويتعامل المعجم مع فلسطين كوطن جرى تقسيمه في العام 1948 إلى إسرائيل وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ويعتبر الفلسطينيين الذين يعيشون في كافة هذه المناطق، وكذلك في مخيمات للاجئين وفي الشتات، كأبناء بلد وجزء من تاريخ فلسطين.

غلاف المعجم

ويحتوي "القاموس التاريخي لفلسطين" على مسرد زمني لتاريخ فلسطين، وعلى تقديم تفصيلي، إلى جانب قائمة مصادر ومراجع اعتمدها المؤلفان.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" د. جوني منصور وبروفيسور إيلان باييه على الترتيب لإلقاء المزيد من الضوء حول هذا العمل المشترك.

"عرب 48": ما هي طبيعة هذا القاموس التاريخي وهل جاء ليوحد المجزأ والمقسم؟

منصور: المعجم يختص بدليل فلسطين في العصر الحديث وأساسا في القرنين الماضيين التاسع عشر والعشرين، مع التركيز على القرن العشرين وبداية القرن الـ21، وقد اخترنا مفاهيما متنوعة منها شخصيات وأحداث تتعلق بالتاريخ الفلسطيني، كما اخترنا بعض الشخصيات والأحداث المتعلقة بالتاريخ الصهيوني الإسرائيلي بصلته بالتاريخ الفلسطيني، مثلا كتبنا عن "بن غوريون" و"يتسحاق رابين" و"غولدا مئير" و"الوكالة اليهودية" و"الحركة الصهيونية" و"الكيرن كييمت"، وغيرها بصفتها شخصيات ومؤسسات جاءت بتماس مع القضية الفلسطينية.

د. جوني منصور

كتبنا من وجهة نظر غير محايدة، فنحن لا نؤمن بوجود حياد في التاريخ أو في كتابته، ولدينا موقف عادل من قضية عادلة هي القضية الفلسطينية، فقد سمينا النكبة بالنكبة وهذا موقف سياسي واضح، ولم نستخدم مصطلح "حرب الأيام الستة" لأنه مصطلح إسرائيلي صهيوني وسمينا المدن الفلسطينية بأسمائها التاريخية مثل الخليل، نابلس، بيسان وعكا بأحرف لاتينية ولفظ عربي.

كذلك اخترنا الشخصيات التي لعبت دورا سياسيا، اقتصاديا، عسكريا أو ثقافيا واجتماعيا في تاريخ فلسطين، على سبيل المثال وديع البستاني، جورج حبش، خليل الوزير، ياسر عرفات ومحمود درويش، وفتشنا عن معظم الشخصيات النسائية مثل ساذج نصار، زليخة الشهابي، حنان عشراوي، ليلى خالد وفدوى طوقان.

وأردنا بهذا القاموس أن نقدم للقارئ الأجنبي صورة متكاملة عن شعب فلسطين وأرض فلسطين، التي كانت عامرة على مر العصور ويعيش فيها ناس يعملون وينتجون في كافة مجالات الحياة وليست أرضا فارغة، كما تريد أن تدعي الصهيونية.

"عرب 48": قدمتم فلسطين كبلد وليس ككيان سياسي؟

منصور: نعم، قدمناها كوطن حيث تطرقنا للمدن الفلسطينية، يافا وحيفا وغيرها وكيف دمرت هذه المدن في الـ48، ونحن نقول الاحتلال ولا نقول الاستقلال، وعندما نقول حيفا نعرض كيف سقطت وهجر أهلها.

كما أن القاموس ضم تقديما تاريخيا بحجم 45 صفحة، شمل استعراضا تاريخيا لفلسطين ما قبل التاريخ مرورا بالعصور الحجري، البرونزي، النحاسي والحديدي القديمة، وصولا إلى الدول العربية الإسلامية حتى الدولة العثمانية ثم الاستعمار البريطاني ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي.

"عرب 48": ما هي أهمية الشراكة بينك وبين بروفيسور إيلان بابيه في إنجاز هذا العمل؟

منصور: هناك تجانسا بيننا في المواقف والآراء ورؤية واقعية للقضية الفلسطينية تاريخية ومستقبلية، وعملنا لا يستهدف الماضي فقط، بل يؤسس للمستقبل من باب المعرفة وجعل هذه المعرفة قوة بيد من يسعون للتأسيس لمستقبل هذا البلد كوحدة جغرافية واحدة، بعد افول حل الدولتين وغياب أي مستقبل لدولة الأبارتهايد.

فقد كان هذا البلد عبر التاريخ وحدة جغرافية واحدة له تاريخ وحضارة وثقافة مشتركة لا يمكن تجزئتها، كما لا يمكن فصل ذلك عن الامتداد التاريخي والجغرافي للبلاد المجاورة سواء المحيطة بفلسطين أو البعيدة عنها، وأقصد الامتداد التاريخي العربي والإسلامي والحل الوحيد الواقعي هو الدولة الواحدة التي تحفظ وحدة فلسطين وأهلها في الوطن والشتات وتحافظ على هذا الامتداد.

"عرب 48": ما هو الهدف السياسي والأكاديمي من إصدار هذا المعجم؟

بابيه: الهدف هو وضع فلسطين على أجندة البحث الأكاديمي والتوقف عن التعامل معها كدولة كفت عن الوجود عام 1948، بل القول إن هناك دولة وهناك وطن وأن فلسطين كبلد ووطن لم تكف عن الوجود رغم وجود دولة اسمها إسرائيل.

بروفيسور إيلان بابيه

تحديد الفرق بين البلد والدولة، وفي هذا السياق ربما مر التاريخ الفلسطيني بأزمة كبيرة، لكن ذلك لم يؤد إلى اختفاء فلسطين ولذلك قمنا بإنجاز المعجم، استنادا إلى هذا الفهم وبهدف تكريسه وتعزيز فلسطين كبلد ووطن ووحدة جغرافية واحدة.

في المعجم مثلا حيفا موجودة في إسرائيل وفي فلسطين أيضا، ونفس الشيء بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في حيفا ورام الله وعين الحلوة وواشنطن الذين ينتمون جميعهم لتاريخ فلسطيني مشترك.

نحن نستأنف على التوجه الذي يقول إن الفلسطينيين موجودين في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط أو في المكان الذي ستقام فيه دولة، ولا نرى أنها صحيحة من ناحية أكاديمية ولذلك فإن تاريخ الصهيونية أيضا يتبع لتاريخ فلسطين للسلب والإيجاب.

"عرب 48": القاموس تضمن مصطلحات وأسماء شخصيات ومؤسسات صهيونية؟

ارتأينا أن نشمل أي مؤسسة صهيونية أو شخصية صهيونية أثرت على الفلسطينيين في فلسطين في قاموسنا، ولذلك سترى شخصيات مثل "بن غوريون" ومؤسسات مثل "الكيرن كييمت" وغيرها من الشخصيات والمؤسسات التي تناولناها بالسياق الفلسطيني.

الأمر الآخر الذي فعلناه أننا قومنا لغة الخطاب، إذ لم نستخدم مصطلحات مثل "مخربين" أو "إرهابيين" أو "أحداث"، بل استخدمنا السردية الفلسطينية وتحدثنا عن النكبة والتهجير والتطهير العرقي.

لم نكتب كمحايدين فلدينا موقف واضح وقد عبرنا عنه، ونحن نرى أن هذا الموقف هو موقف غالبية الناس باستثناء الإسرائيليين، وغالبية الناس المهتمين بالفلسطينيين وبفلسطين يقبلون هذا الموقف ويتعاطفون معه.

كلانا نؤمن بحل عادل وديمقراطي يشمل كل فلسطين ونرى أن أي حل لا يشمل كل فلسطين والشعب الفلسطيني في الشتات، مثلما حدث في أوسلو لن يكتب له النجاح.

"عرب 48": تعتقد أن الحل يجب أن يشمل الجغرافية والديمغرافية الفلسطينية؟

بابيه: بالضبط، نرى أن فلسطين تاريخيا وحاضرا وحدة جغرافية واحدة، لم تنجح النكبة وإقامة دولة إسرائيل في زعزعتها، وأن الصهيونية لم تنجح في محوها من التاريخ والجغرافية كما أرادت، ولذلك فهي تبقى الإطار الجامع لأي حل للقضية الفلسطينية.

"عرب 48": أردت أن أسأل عن سر الشراكة بينك وبين د. جوني منصور؟

بابيه: أولا كلانا حيفاويان، ولذلك فهناك تقاطع بين التاريخ الشخصي الخاص بنا وبين التاريخ الفلسطيني، وقد فكرنا أن العمل المشترك بيننا يضمن أن هذه "الكلية" المتمثلة بكل فلسطين وكل الفلسطينيين يجري التعبير عنها أكثر إذا ما جاءت من قبل مؤرخين اثنين كتبا كثيرا عن تاريخ البلاد ولديهما وجهة نظر أيديولوجية وأخلاقية مشتركة.

د. منصور هو فلسطيني وهو يأتي بالكثير من الأمور التي لا اعرفها، وانا اعرف جيدا التاريخ الإسرائيلي وهما جانبان يكمل أحدهما الاخر، ومن الواضح ان هذا هو المستقبل المتظر الذي سيقوم على أساس نفي الاستعمار الكولونيالي وليس على أساس النظام القائم.


ايلان بابيه: هو مؤرخ إسرائيلي ينتمي إلى تيار المؤرخين الجدد الذين قاموا بإعادة كتابة التاريخ الإسرائيلي وتاريخ الصهيونية درس بجامعة حيفا وهو يدرس حاليا بجامعة إكستر. يعتبر إيلان بابيه من أبرز دعاة حل الدولة الواحدة كما أنه من مؤيدي مقاطعة المؤسسات التعليمية الإسرائيلية. تعرض إيلان بابيه للكثير من النقد في إسرائيل بسبب تأييده للحقوق الفلسطينية في عودة اللاجئين وفي مقاومة الاحتلال.

جوني منصور: مؤرخ فلسطيني من مناطق الـ48 وهو محاضر في قسم دراسات التاريخ في الكلية الأكاديمية في بيت بيرل. متخصص بتاريخ الشرق الأوسط الحديث، وله اهتمام بتاريخ فلسطين الحديث والمعاصر، والقضية الفلسطينية، وتاريخ المدن الفلسطينية وخصوصًا حيفا.

التعليقات